عاد أواخر سنة 2016 “الغزال الاطلسي” للعيش في موطنه الاصلي بجبل السرج من ولاية سليانة بعد انقراض لأكثر من 110سنة من جبال السرج وبرقو بسبب الصيد المفرط إضافة إلى الحرائق و التغيرات المناخية والبيئية بداية القرن العشرين.
وبعد نجاح اعادة التوطين بجلب 43 رأسا من غزال الأطلس على مرحلتين بشراكة بين باحثين وعاملين في مجال البيئة من تونس واسبانيا، في إطار البرنامج الوطني للمحافظة على الحياة البرية في تونس، عاد الغزال الاطلسي ليرتع في سفوح جبل السرج بأعداد تجاوزت المئات واصبح وجهة للزوار ومحبي الحياة البرية.
ويعد غزال الأطلس من الفصيلة النادرة ،متوسط الحجم وذو لون بني فاتح، يعيش في مجموعات صغيرة تضم من 5 إلى 6 غزلان وأحيانًا يعيش وحيداً في المرتفعات.
الغزال الاطلسي و تجربة العودة إلى الجبال :
مع بداية تكاثر الضباء و بعد ثلاث سنوات منذ بداية مشروع إعادة التوطين (2016) اثر وضعها داخل الزرائب ، تم في خريف 2019 إطلاقها في البرية لتركض على سفح جبل السرج، وسط أشجار القيقب النادرة والبلوط والصنوبر الحلبي والسرول، إلى جانب عشرات الأنواع من الطيور، وهي مرحلة وصفها مصدر عن إدارة الغابات بسليانة بالحساسة لكنها كانت اساسية في نجاح عملية إعادة الغزال إلى موطنه الأصلي، جندت خلالها إدارة الغابات عديد الحراس في المحمية للمراقبة والحراسة إلى جانب تتبعها عبر قلادات مرقمة تميزها عن بعضها وتسمح بجمع معلومات قيمة عن تحركاتها عبر الأقمار الصناعية.
الحفاظ على الثروة البيئية مسؤولية وطنية :
وبعد ثماني سنوات من اعادة التوطين, يقول منصف الهاني ناشط بالمجتمع المدني بقرية سيدي حمادة سفح جبل السرج في تصريحه لموزاييك، ان الغزال الاطلسي منذ اطلاقه في البرية خلق عملية مصالحة بين المتساكنين مع بيئته وطبيعته من جهة وبين الزوار والمنطقة ككل فأصبحت سيدي حمادة وجبل السرج قبلة للسياحة البيئية والايكولوجية وجهة لإستقطاب نوعية جديدة من السياح وخاصة منهم أولائك المهتمين بالبحث العلمي.
كما اضاف الهاني أن المحافظة على هذه الثروة البيئية اصبحت مسؤولية وطنية نابعة من زرع الوعي بأن البيئة الملائمة للعيش هي البيئة ذات تنوع بيولوجي متوازن، مشيدا بما يزخر به جبل السرج من غطاء نباتي فريد و تضاريس صخرية يبلغ ارتفاعها 1357 مترا، الى جانب وفرة العيون الجبلية لتبقى عاملًا مساعدًا على انتشار وتكاثر هذا النوع من الغزال وأنواع أخرى.
وللاشارة فإن موسم تكاثر الغزال بمحمية جبل السرج ينطلق بداية من غرة ماي إلى غاية 31 اوت وتمنع آنذاك الزيارات لتوفير المناخ الملائم للتكاثر.
وتجدر الاشارة أن الحديقة الوطنية بجبل السرج بسليانة تم احداثها سنة 2010،وتعتبر قبلة للسياحية الايكولوجية وتحتوي على مجموعة ثرية من الأصناف النباتية والحيوانية المحلية والمهددة بالانقراض، كما ساهمت تضاريسها في نجاح اعادة التوطين للغزال الاطلسي، ويذكر ان وزارة البيئة اعدت دراسة تسعى عبرها إلى تقديم ملف ترشح لتسجيل الحديقة الوطنية بجبل السرج كمحمية للمحيط الحيوي لدى منظمة اليونسكو ،لمزيد تثمين المشاهد الطبيعية ودعم السياحة الايكولوجية والبيئية بالمنطقة.